الحرب النَّفْسِيَّة ..
أقصر الطرق لتجريد العقل من معلوماته ومبادئه
الحرب النَّفْسِيَّة هي : "جهود سلبية أو إيجابية ذات
طبيعة سياسية أو عسكرية أو اقتصادية تصدر من فرد أو جماعة أو دولة أو عدة دول
متحالفة، وتوجَّه ضد الفرد والجماعة أو الدَّولة الصديقة أو المعادية على حد سواء،
بهدف التأثير على المعنويات، والاتجاهات، والآراء، والأفكار، والمبادئ، والمعتقدات"
.. هذا هو التعريف الذي حمله كتاب "أساليب الحرب النَّفْسِيَّة فــي الإسلام وخصائصها" للمؤلف د.
علي عيسى عبد الرحمن ، ومن خلاله تعرض للحرب النَّفْسِيَّة التي مُورست منذ قديم الزمان ، وذكر
نماذج لها مع التحليل والشرح.
يرى عيسى أن الحرب النَّفْسِيَّة تتميَّز عن
غيرها من الوسائل بأنَّها تعمل على تسيير وتوجيه الطرف المعني من خلال التأثير في
إرادته بعد أنْ تكون قد غيَّرت معلوماته ومعرفته، "وعملية التأثير بوساطة
الحرب النَّفْسِيَّة تتجلى في إحداث التغيير في القيم السائدة والإرادة لدى الفرد،
والمجتمع، والدَّولة، وعلى مراحل يمكن تصنيفها بمرحلة الاهتمام، فالإدراك ثم
التخريب، فالتبني أو الرفض.
وهو
يشير إلى أن مصطلح (غسل الدماغ)
يقع ضمن المصطلحات التي تُسْتَخدم في الحرب النَّفْسِيَّة، وأول ما أطلق بعد الحرب
العالمية الثانية، من قِبَل الصَّحفي الأمريكي (إدوارد هنتر)، عن طريق ترجمته
للكلمة الصينية (هي تاو)، التي معناها ـ لدى الصينيين ـ: اصطلاح الفكر، ويُراد به:
تجريد العقل من ذخيرته ومعلوماته ومبادئه.
وهو أيضاً تشكيل التفكير بطريقة التفجير، وتغيير الاتجاهات
النَّفْسِيَّة، وهو محاولة توجيه الفكر الإنساني أو العمل الإنساني ضدّ رغبة الفرد
أو ضدّ إرادته أو ضدّ ما يتفق مع أفكاره، ومعتقداته، وقيمه، فهو عملية إعادة
تعليم، وهو عملية تحويل الإيمان أو العقيدة التي كفر بها، ثم الإيمان.
كيف يُغسل الدماغ؟
ويمكن تلخيص طرق (غسل
الدماغ) التي تتبّع حديثاً في الخطوات التالية:
[1] عزل الفرد اجتماعياً ومناداته برقم وليس باسم، واستغلال مؤثّرات الجو،
والتَّعب، والجوع، والألم، والأساليب الأخرى مثل: الصدمات الكهربائية، واستخدام
العقاقير المخدّرة، مثل: الكحول والمواد الكيميائية.
وهذه كلّها تضعف قدرة
الفرد على التحكُّم في إرادته، ثم إيجاد صراع وخوف أساس، بحيث تصل حالة الفرد إلى
درجة أنْ يكون فيها متلهّفاً للخلاص، ويرافق ذلك نتيجة الإحساس بالذنب، وجعل حالة
التشكيك لديه، وتعريضه للمرض الجسمي، والعقلي، والضغط الفسيولوجي.
[2] تستخدم مع الفرد اللين، والمهادنة، والتساهل، والدِّقة، والاعتذار عن
المعاملة السابقة، وإظهار الصداقة له.
[3] يفهم الفرد بعد ذلك إذا ما اعترف، فإنَّ المعاملة له ستزداد تحسُّناً،
ويمكن أن يعيش.
[4] وتأتي بعدها عملية الإقناع، وهي عملية إعادة تعليم الفرد، بحيث ينقد نفسه
إلى أنْ يصل إلى الاعتراف النَّهائي.
[5] ثم يحدث تغيُّر مفهوم الذَّات لدى الفرد باستخدام أساليب مثل: التقويم
الإيحائي، أو الإيحاء النَّفسي.
[6] يتم محو الأفكار المراد محوها نهائياً.
[7] تقديم الأفكار الجديدة، ويشجِّع الفرد على تعلُّم معايير سلوكية جديدة
وأدوار اجتماعية جديدة، وبذلك يتم تحويله إلى فرد جديد.
وكيف حارب الإسلام الحرب النفسية؟
حدث ذلك من خلال عدة أشياء
منها :
-التثبُّت من الأقوال:
هناك الكثير من الشَّائعات
والأقاويل التي تذاع بين النَّاس، وقد لا يكون لها من الحقيقة والواقع سند، وربما
ترتَّب على إشاعتها وتداولها أضرار بالغة، وعواقب وخيمة، تعكِّر صفو الجماعة،
وتفرِّق الأُمَّة، وتعرُّضها للأخطار.
لذلك كان منهج الإسلام في
كل ما يُقال ويثار التثبُّت منه، حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه، فقد ترك الإسلام
للفرد والمجموعة أمر التحقُّق مما يقال، صيانة للمجتمع الإسلامي حتى لا يؤخذ بسبب
ما يقال. وقد أمرنا الدِّين بأنْ نواجه الأخبار والشَّائعات التي ينشرها النَّاس
بالتأكُّد منها أولاً، حتى لا يظلم أحد أو يصاب بسوء.
-القضاء على مصدر الفتنة:
من هدي الإسلام في مواجهة
الحرب النَّفْسِيَّة التي توجّه إليه القضاء على مصادر هذه الحرب النَّفْسِيَّة،
ولعل ما تم في مسجد الضرار شاهد على ذلك.
كذلك أوضح الكتاب عدة أمور
منها : خصائص
الحرب النَّفْسِيَّة في الإسلام ، وكذلك أساليبها ، مستعرضاً عدة نماذج من
القرأن والسنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق